1
لقدجاء الإسلام في عصر كانت الإنسانية تعيش فيه كل مذلات الظلم والفساد والخرافة والشعوذة والتكبر لحد استعباد الإنسان لأخيه الإنسان .. وفي زمن كانت تحكم فيه الشعوب بكل أنواع الإستبداد وبكل ألوان الظلم واحتقار الغير..
بل ولحد حكم الشعوب بالكهنة والسحرة الذين عرفوا كيف يخترقون مجالس الملوك ..
بل وفي عصر كانت المرأة فيه تهان لحد دفنها حية ..
وفي عصر قل فيه العلم ، وعبدت فيه الأوثان حتى صارت كعبة الله المكرمة مزبلة أوثان ..
وفي عصر قال عنه أحمد شوقي رحمه الله عن نبينا عليه كل الصلاة وكل السلام ::
أتيت والناس فوضى لاتمر بهم
إلا على صنم قد هام في صنم
والأرض مملوءة جورا مسخرة
لكل طاغـية في الخلق محتكم
مسيطر الفرس يبغي في رعيته
وقيصرالروم من كبر أصم عم
يعـذبان عباد الــلـه في شـبه
ويـذبـحان كما ضحيـت بالغـنم
والخلق يفـتك أقواهم بأضعفـهم
كالليث بالبهم أو الحوت بالبلم
2
إذ جاء الإسلام بكل إيجاز ليعيد للإنسان إنسانيته الحقة ويعالج كل هاته الأزمات الجاهلية كما قال الفيزيائي المعروف أنشتين :(إن عظمة الإسلام تتركز في عوامل ثلات : أنه أحدث الأديان، وأنه لايخاصم العلم ، وأنه يستطيع أن يعالج أزمات العالم ).
وكما قال جستاف لوبون في كتاب حضارة العرب :
(إن الأمم لم تعرف فاتحين راحمين متسامحين مثل العرب، ولا دينا سمحا مثل دينهم ، هو إنصاف للحق قبل أن يكون إنصافا للمسلمين ) ..
لكننا كمسلمين لم نف بما تحمله هاته الرسالة من فضائل كالسابقين منا..
ولحد جهل حتى مرشدي بعض جماعاتنا اليوم بهاته الغايات وبهاته المطالع الإنسانية لديننا الحنيف ...
بل وأصبح العديد من علمائنا حائرين مرتبكين أعانهم الله :
فعقلنا الفقهي اليوم محتار وجد مرتبك، ولابد من برمجته بكل تجديد أمام كل هاته المعارف الدنيوية المتسارعة ، ليعود للواقع بكل حكمة ....
3
فالفقيه اليوم محتار، بل وعقلنا السني اليوم في أزمة ..
فكيف بالمسلم الذي لم يعد له من إسلامه إلا الإسم؟:
كما قال أحد الحكماء : لسنا متخلفين عن الغرب بل نحن متخلفون عن القرآن.
فكيف بالمسلم الذي لم يعد له من إسلامه إلا الإسم؟:
كما قال أحد الحكماء : لسنا متخلفين عن الغرب بل نحن متخلفون عن القرآن.
4
فلقد أسأنا كمسلمين لديننا كما قال السيد رؤوف في بعض هاته النقط :ــ الأمة العربية والإسلامية اليوم لم تفعل شيئا لإظهار الإسلام وإبلاغه للمحتاجين إليه في العالم ، بل كتموه وأهملوه.
ـ الإسلام ليس مسئولا عن انحطاط المسلمين بل إنحطاطهم جاء من تركهم تعاليمه..
- التشويش والكلام المغرض عن الإسلام يصد كثيرا عن دين الله ..ويلزم أن يقوم المسلمون المخلصون ببيان وجه الحق للناس
ــ الإسلام هو الذي أخرج العالم من الظلمات وأنه أفضل دين لإنقاد البشرية جمعاء..
ــ شهادة المنصفين على ذلك واحترامهم للثقافة الإسلامية وتقديرها وإعترافهم بها .
وبهذا يكون الإسلام هو دين الحضارة الإنسانية في أرقى معانيها كما قال هاري هنكل :
( وجدت الإسلام يشجع على متابعة الحقيقة.. وإن صحائف التاريخ مملوءة بالحقائق التي تثبت عرقلة الديانات الأخرى للمدنية والعمران)
5
بل ولقد لعب المسلمون دورا رئيسيا في قيام هاته الحضارة الإنسانية التي يريد أن يستبد الغرب بها ، ويتفرد بامتلاكها ، بعد أن كانت ولا زالت مبنية على الجهد الكبير الذي قام به علماء الإسلام لحد دراستهم لكل الحضارات السالفة ، وتلقين اجتهاداتهم فيها لكل الناس ، وبما في ذلك الغربيون الذين لايريدون أن تظهر هاته الحقائق تعنتا منهم وجحودا بالجميل الإسلامي ، لحد قول أحد المفكرين : ( لقد نقح المسلمون حضارة اليونان ، وزادوا عليها ، ثم أهدوها للغرب في طابق من ذهب ).
6
وليس الإسلام عبر محمد صلوات الله عليه فقط من ساهم في هاته الحضارة ، بل كل الأنبياء والرسل السالفين عليهم السلام قد وضعوا لبنات راسخة لبناء الحضارات الإنسانية قديما وحديثا.. ولحد مساهمة الأنبياء في الإقتصاد وكل علومه (يوسف عليه السلام ) وفي الفلاحة ( آدم عليه السلام) وفي الصناعة ( داوود عليه السلام) وفي الخياطة (إدريس وداوود عليهماالسلام). وفي المعمار وفي كل الرقي المادي ( سليمان عليه السلام)...
فالإسلام دين لكل الأنبياء ولولا رسالاتهم المتتالية منذ آدم عليه السلام لنست الإنسانية حتى لغاتها..
فالأنبياء لم يبنوا فقط معنوياتنا كما يظن البعض : بل بنوا كذلك مادياتنا :
ولولا رسالات السماء لما وصل الإنسان إلى أي تقدم : لا مادي ولا معنوي ، ولما شهدوا أية حضارة..
بل ولفقد الناس كل توازناتهم ، ولصاروا بلهى تتصيدهم الذئاب والوحوش كأرانب..
بل ولبقينا في عصورنا الحجرية الأولى.
7
ولهذا فإن البديل الحضاري إسلاميا ليس نابذا لكل هاته الحضارة الإنسانية القائمة حاليا، لأن المسلمين وكل الأنبياء عليهم السلام قد ساهموا فيها ماديا ومعنويا ..وما بديلنا اليوم إلا تطبيب لهاته الحضارة من جاهليتها ومن زيغها البين، ومن جهالة بعض جاهلينا الذين يشنون اليوم الحرب على المسلمين ، بل وعلى كل الإسلام ..
وباسم التسنن الزائف وللأسف..
ولهذا يجب ربط كل يقظتنا المقبلة بحول الله تعالى بروح الإيمان الحق ، والمتمثل في كل القرآن وكل السنة وكل ما حق من علوم ..
حتى تكتمل جنة الأرض التي لا تنقصها اليوم سوى القيم الإسلامية السامية..
8
فالإسلام بما يملك من قيم قلبية وروحية وفردية وجماعية ومجتمعاتية ، ومن حقائق علمية وفقهية، وبما يحث عليه من محافظة عملية كفيل بأن يمضي بالحضارة القائمة اليوم حتى سدرة المنتهى بحول الله تعالى ..بل وقادر على أن يعطي للإنسان كل نظارات بصائره التي لم يزدها انحراف الكافر إلا عمى وفسادا وتعاسة ..
بل والإسلام كفيل بأن يعيد للإنسانية كل سعادتها الفكرية والقلبية والروحية لجانب ثرائها المادي الأكيد ..
وتحريرالإنسان من كل الماديات المتألهة اليوم عليه .
والتي يجب أن تبقى في يده لافي قلبه :
والتي يجب أن تبقى وسيلة عيش .. لا غير ... لا غير .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق